إستعد لعواصف الحياة
.
.
كان الفتى شغوفاً أن يذهب مع أبيه في رحلة صيد إلى وسط البحر ، كان أمله أن يكون على ظهر القارب حينما يعود قبل الغروب ، بعدما ظلّ سنوات عمره السابقة ينتظر مجيئه إلى الشاطئ .
.
.
وجاءت اللحظة التي زفّ فيها الأب لفتاه البشارة ، وخرج القارب بعد شروق الشمس مُتّجهاً إلى وسط البحر ، وعلى متـنه جَلَس الفتى مُتأهباً لصُنع تاريخه الخاص كصياد محترف .
.
.
كانت الأمور طبيعية قبل أن تهُبّ عاصفة ؛ فتُحيل السماء إلى غيوم ومطر وبرق ، كان الأب يعمل بدأب من أجل إمتلاك زمام القارب ، لم يَبدُ عليه جَزَع ولا خوف خِبرته بأمور البحر ومروره بأشياء مشابهة ، وربما أكثر خطراً جَعَلَته يتعامل مع الأمر وكأنها كبوة يجب التعامل معها بحسم وجدّية .
.
.
بَيْدو أنّ الفتى الذي لم يتعوّد أن يكون في وسط العاصفة كان مضطرباً خائفاً ، حتى إنه لم يستطع أن يمنع نفسه أن يذهب إلى أبيه ، ويبثّه خوفه مرتعدًاً : المياه يا أبي ستُغرقنا ، إنها النهاية لا ريب .
.
.
فما كان من الأب إلا أن أمسك بكتف صغيره بقوة ، ونظر في عينيه ، وقال له : لن يستطيع ماء البحر جميعه إغراق قاربك ، ما دام لم يصل إلى داخله .
.
.
نعم فالداخل هو الأهم ؛ حيث الجوهر و الكيان الأصلي ، وفي الحياة كما في البحر ، تهبّ العواصف ، تزمجر ، نظنّها جميعاً ستقلب قارب حياتنا رأساً على عقب ، فقط الذي يحافظ على داخله صلباً قوياً سالماً ، هو الذي سينتصر ويستمرّ .
.
.
بينما الهلع والخوف و إجتلاب الظنون و المخاوف والأوهام ، سيُغرقنا قبل أن تُغرقنا هموم الحياة وتحدياتها ، خاصةً أن الحياة عندما تزمجر ؛ فإنها تُرسل إليك بنداء قاسٍ عنيف ؛ لكنه يحمل في طياته سؤالاً في غاية الأهمية ، وهو هل أنت على قدْر الاختبار ..؟؟
.
.
هل تستحقّ أن تكون على ظهر القارب ..؟؟
أم أنك يجب أن تنتظر كالملايـين على الشاطئ .
.
.
النشر مسموح للجميع مع ذكر المصدر
@alrhd
0 التعليقات: